اللغة المصرية القديمة

      إن المصري القديم عرف الكتابة منذ فجر التاريخ، فبدأ التأريخ منذ معرفته للكتابة، ولأن المصري القديم تعلق كثيرا بالطبيعة من حوله، واهتم بالزراعة، وتربية الحيوانات، وراقب انسلاخ الليل والنهار، فقد اتخذ منها حروف وكلمات لغته، فاستخدم البومة، والعنقاء، وزهرة اللوتس، والشمس والسماء، وأجزاء من جسم الإنسان، كاليد، والساق، والعين، وغيرها.

      وتنقسم اللغة المصرية القديمة إلى ثلاث خطوط وهم : الخط الهيروغليفي، والخط الهيراطيقي، والخط الديموطيقي، فهذه الخطوط الثلاثة تندرج تحت مسمى اللغة المصرية القديمة، أما القبطية فهي لغة، وهي مازالت تستخدم حتى الآن في الكنائس الأرثوذكسية.

      الخط الهيروغليفي (هيروس جلوفس) وتعني الخط المقدس، وهو الخط الذي استخدمه المصري القديم في النقوش على جدران المعابد، والمقابر، وقد استخدم فيه المصري القديم الرسوم كاملة، ويقرأ الخط الهيروغلفي من اليسار الى اليمين، أو من اليمين الى اليسار، أو من أعلى إلى أسفل، ولكن كيف تقرأ؟! يعني هل تختار انت جهة القراءة؟ أم أن هناك شروط معينة تحدد لك جهة القراءة؟ نعم! إن المصري القديم قام بتحديد جهة القراءة، فتخيل أنك تقف الآن أمام نصا هيروغليفيا تود قراءته، أولا: ابحث عن صورة كائن حي، طائر، أو حيوان أو إنسان، فعلى سبيل المثال رأيت أول النص رسم بومة ( وهي في الهيروغليفية تمثل الحرف م) تنظر جهة اليمين، إذن فهذا النص يقرأ من اليمين الى اليسار، وأما إذا كانت تنظر جهة اليسار، فهذا يعني أنك ستقرأ النص من اليسار الى اليمين، وأما إذا كان النص مكتوبا بشكل عمودي وليس أفقي، فذلك يعني أن النص يقرأ من أعلى إلى أسفل.

       أما الخط الثاني فهو الخط الهيراطيقي، ويعني الخط الكهنوتي، وهو الخط الذي استخدمه الكهنة، وقد استخدم فيه المصري القديم الصور غير كاملة، ويقرأ هذا الخط من اليسار الى اليمين فقط.

      أما الخط الثالث فهو الخط الديموطيقي، ويعني الخط الشعبي، أي الخط الذي استخدمه الشعب في حياتهم اليومية، وكان يكتب على أوراق البردي، ويقرأ هذا الخط من اليسار الى اليمين فقط، وقد استخدم فيه المصري القديم جزءا من الصور.

      وقد قسمت رموز اللغة المصرية القديمة إلى عدة أقسام، فمنها رموز تعبر عن حرف واحد مثل العنقاء تعني الحرف (أ)، اليد وتعني الحرف (د)، ورموز تمثل حرفين مثل العصفور وينطق (ور)، والسماء وتنطق (پت) ، ورموز تمثل ثلاثة حروف مثل الحنجرة والقلب وتنطق (نفر)، أذن البقرة وتنطق (سچم)، وقد وجدت بعض الرموز تمثل أربعة حروف، وفي بعض الأحيان خمسة حروف، وستة حروف.

      وقد وضع المصري القديم مخصص في نهاية الكلمات، وذلك لتوضيح المعنى، فمثلا عندما كتب كلمة طفل، قام برسم طفل في نهاية الكلمة، وعندما كتب يأكل، رسم رجل يأكل في نهاية الكلمة، وعندما كتب (رع) قاصدا بها قرص الشمس، وضع المخصص الشمس، وحين قصد بـ (رع) الإله رع إله الشمس، وضع المخصص رجلا ذي لحية معقوفة وهو الذي يرمز به للإله.

      وقد قام المصري القديم بتمييز أسماء الملوك والملكات بوضعها داخل شكل عرف باسم الخرطوش الملكي.

      وتم فك طلاسم اللغة المصرية القديمة على يد العالم الفرنسي شامبليون وذلك بعد اكتشاف حجر رشيد إبان الحملة الفرنسية على مصر، وكان الحجر مكتوب بالخطين الهيروغليفي، والديموطيقي، واللغة القبطية، وبسبب معرفة شامبليون لللغة القبطية فقد استطاع مقارنة النص القبطي، بمثيله الهيروغليفي، والدميوطيقي بعد أن تأكد من أنه نفس النص مكررا، فقد كان النص بمثابة شكر مقدم إلى بطلميوس وزوجته كليوباترا بسبب تخفيض الضرائب، وقد كتبه المصري القديم بالخط المقدس (الهيروغليفي) والخط. الشعبي(الديموطيقي) ليسهل على الشعب قراءته، واللغة القبطية ليقرأها الإغريق المقيمون في البلاد، وقام المصري القديم بوضع أسماء بطلميوس وكليوباترا داخل خرطوش ملكي في النصوص الثلاثة، وذلك ساعد شامبليون كثيرا في فك رموز اللغة المصرية القديمة، لينفتح الباب أمام علم جديد عرف بعلم المصريات، وتلتفت أنظار العالم إلى تلك الحضارة التى كانت مبهمة ، لتخرج ما بجعبتها وتكشف أسرارها فتبهر العالم أجمع.

أ. ريم السباعي